السبت، 19 ديسمبر 2009


مصر: حين تطل الوحدات السكنية على ملاعب الكرة
وسط طفرة عمرانية حول المناطق الخضراء
ملاعب الكرة تنعش الطلب على العقار («الشرق الأوسط»)
القاهرة: محمد عبد الله
في الفولكلور الشعبي المصري قول دارج يردده المصريون دائما ملخصه أن «أبو بلاش كتر منه».. وفي هذا الصدد تزخر المباني والكتل السكنية المحيطة بملاعب كرة القدم فى مصر ـ لاسيما في المباريات التي يكون فريقا الأهلي أو الزمالك أحد طرفيها ـ بجماهير تطل من شرفاتها وأسطحها لمشاهدة اللقاءات الكروية مجانا. لكن هذا المشهد المتكرر يفتح بابا للتساؤل حول مدى جاذبية اقامة الملاعب والمسطحات الخضراء لتدشين مجمعات سكنية، على غرار ما حدث فى مطلع الستينات من القرن الماضي عندما تم بناء ملعب القاهرة الدولي بحي مدينة نصر ـ شرق القاهرة ـ مما أحدث طفرة عمرانية كبيرة بهذا الحي الراقي مثلما يقول الدكتور ماجد عبد العظيم رئيس مجلس ادارة شركة «ايدار للتمويل العقاري»، حيث يشير إلى أن الملاعب الخضراء بشكل عام تخلق أجواء جديدة فى أي مجتمع عمراني جديد وتخلق طلبا كبيرا على الأراضي المحيطة بأي منشأه رياضية، وهذا النموذج تكرر في منطقة المعادي بعد بناء نادي «وادي دجلة» في إحدى المناطق المتطرفة، لكن صاحب ذلك شروع بعض المقاولين في بناء مجمعات سكنية بجوار النادي للاستفادة من إطلالتها على ملاعب كرة القدم الخضراء.ويرى عبد العظيم أن هناك جاذبية خاصة ومختلفة للمسطحات الخضراء، ولا يرتبط ذلك دائما بكونها ملاعب لكرة القدم وإنما تشمل ملاعب الجولف أو أي مسطح أخضر آخر، مشيرا الى ان احدى شركات الاستثمار العقارى راهنت على اقامة مبان سكنية تطل على ملاعب الجولف بالساحل الشمالى ـ قرب مدينة الإسكندرية ـ وفي منطقة تبعد عن المسطح المائي، أي أنها لا ترى البحر لكنها نجحت فى تسويقها.
وتابع نائب رئيس شركة إيدار أن الوحدة السكنية التي تطل على أي من الملاعب ترتفع قيمتها المادية بما يزيد عن 25% من سعرها في حالة ما اذا كانت لا تطل على ملاعب خضراء، وأغلب المسوقين العقاريين استغلوا اندفاع البعض نحو السكن بعيدا عن الوحدات التي تطل على كتل خرسانية صماء، ولم يجدوا ضالتهم سوى في العقارات التي تطل على أماكن مفتوحة في زيادة أسعارها بشكل مبالغ جدا، مثلما حدث في الوحدات التي تطل على نادي الزمالك بالمهندسين وناديي الصيد والتوفيقية.
ورغم أن أحمد منشاوي المسوق العقاري يتفق في ان للملاعب الخضراء جاذبية خاصة في إقامة مبان سكنية تطل عليها، إلا انه يعتقد ان هذا الأمر لن يستمر طويلا لأن النوادي والملاعب بشكل عام تتسبب في ازدحام المناطق المجاورة لها خاصة إذا كانت ملاعب تقام عليها مباريات جماهيرية مثلما هو الحال في ستاد القاهرة الدولي وناديي الأهلي والزمالك، معتبرا أن هذا الأمر من أكبر عوامل طرد السكان وليس جذبها حتى وإن كانت الوحدات المحيطة تطل على منظر جميل.
ويرى منشاوي أن الطرح السابق قد يختلف بشكل جذري اذا كان الملعب مقام باحدى الضواحى الجديدة، التي روعي فيها التوسع في تخطيط الشوارع والميادين كما هو الحال في القاهرة الجديد، وأضاف ان بعض الأفراد لا يفضلون السكن بجوار تلك المسطحات الخضراء اطلاقا بسبب الضوضاء التي تصدر عنها بشكل دائم، إلا أنه بشكل عام يمكن القول إن سعر الوحدات السكنية المجاورة للنوادي يزيد سعرها بمقدار 1000 جنيه للمتر أي بنسبة تتجاوز 30% عن نفس المساحة في مكان آخر لا يتمتع بتلك الميزة.
من جهته يؤكد حسن عثمان الناقد الرياضي المعروف انه عند اقامة أي مجتمع عمراني جديد في أي من دول العالم يراعى أن يتم بناء ملاعب خضراء وسط الرقع السكنية لتحقيق هدف مزدوج، الأول هو ممارسة قاطني المنطقة السكنية الرياضات المختلفة، والثاني أن تطل وحداتهم على منظر يبعث على الراحة.
ويرى عثمان أن هذا الهدف المزدوج لا يتحقق فى مصر حيث تطغى العشوائية على كل شيء، ويتجلى ذلك فى بروز بنايات سكنيه ترتفع عن جسم ملاعب كرة القدم المصرية خاصة في الأقاليم ولا أحد يعرف ما اذا كانت تلك البنايات قد وجدت بعد اقامة الملعب ام قبله.
ويشير الناقد الرياضي الى أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عندما زار احدى المدن اليوغوسلافية فى عهد تيتو أراد أن يكون حي «مدينة نصر» مشابها فى تخطيطه لتلك المدينة، بحيث لا تتجاوز ارتفاعات المباني عن ثلاثة أو أربعة طوابق، وتزامن ذلك مع بناء ستاد القاهرة الدولي الذي تمت مراعاة أبعاده عن الكتل السكنية، لكن ما حدث في الواقع كان عكس ذلك فقد تجاوزت ارتفاعات البنايات جسم الاستاد وأصبح بعضها يطل على الاستاد نفسه، لكن يحول اتساع رقعة الاستاد دون الاطلال المباشر على المسطح الاخضر للملعب نفسه لكنها فى النهاية ترى بعض الملاعب الفرعية التي تتدرب عليها المنتخبات المصرية وبعض الأندية.
ويمزح حسن عثمان قائلا إنه يخشى أن يؤدي تشفير مباريات دوري كرة القدم المصرية الى اندفاع البعض لبناء ناطحات سحاب حول ملاعب كرة القدم لمتابعة المباريات بمقابل رمزي!!

0 التعليقات: